لماذا تزيد حالات الانتحار يوم الاثنين وعيد رأس السنة؟ اكتشف العوامل النفسية المدهشة!

ما هو اليوم الأكثر خطرًا للانتحار في العام؟ متى يكون الوقت الأكثر خطورة لشخص يفكر في الانتحار؟ وفقًا لدراسة علمية دولية حديثة نُشرت في المجلة المرموقة The British Medical Journal، يظهر أن خطر الانتحار يكون مرتفعًا في أيام الاثنين، كما يرتفع بشكل ملحوظ في يوم رأس السنة، بعد ليلة الاحتفال. تعتبر فترة عيد الميلاد أيضًا نقطة حرجة، حيث يختلف مستوى الخطر بشكل كبير من دولة لأخرى.

أجرى الباحثون تحليلًا لبيانات الانتحار من 740 موقعًا في 26 دولة، من بينها إسبانيا. ويقول القائمون على الدراسة إن هذه النتائج تساعد على فهم التغيرات قصيرة الأجل في خطر الانتحار، كما يمكن أن تسهم في تصميم برامج أكثر فعالية للوقاية من الانتحار والاستجابة له، مع مراعاة الأعياد وأيام الأسبوع.

حسب منظمة الصحة العالمية، كان الانتحار سبب وفاة أكثر من 700,000 شخص في عام 2019، ما يمثل حوالي 1.3% من مجموع الوفيات، وهي نسبة تفوق أعداد الوفيات بسبب الملاريا، الإيدز أو سرطان الثدي. الدراسة التي نحن بصددها تناولت نحو 1.7 مليون حالة انتحار وقعت بين عامي 1971 و2019 كما سجلتها منظمة الصحة العالمية.

تشمل البيانات مراجعة عن 21,998 حالة انتحار في إسبانيا خلال الفترة من 1990 إلى 2013، وكان 71.1% من المنتحرين من الرجال. سجلت إسبانيا معدل انتحار يبلغ 7.9 لكل 100,000 نسمة، وهو الثاني في الأقل بين الدول الأوروبية المُحللة (مثل فنلندا، ألمانيا، رومانيا، والمملكة المتحدة) وبتفوق ضئيل على إيطاليا بخمسة حالات. مع ذلك، تبقى النسبة أعلى من بعض دول أمريكا الجنوبية (حيث إن باراغواي أو البرازيل يقلان عن 5).

أسباب ارتفاع خطر الانتحار في أوقات محددة

تشير الأبحاث السابقة إلى أن احتمالية الانتحار تختلف بحسب أيام الأسبوع، لكن النتائج كانت متباينة عندما يتم أخذ الأعياد الكبرى في الاعتبار أو تكون الدراسات محدودة جغرافيًا. أما الدراسة الأخيرة، فقد قدمت أدلة علمية جديدة على مستوى عالمي، كما يؤكد الباحثون.

توزيع مكاني لل740 مركزا في 26 دولة شملها الدراسة ونسب الانتحار في أيام الاثنين خلال فترة الدراسةThe BMJ

وجدت الدراسة أن معدلات الانتحار كانت الأعلى في كوريا الجنوبية واليابان، تليها جنوب أفريقيا واستونيا، بينما كانت الأدنى في الفلبين والبرازيل والمكسيك وباراغواي. في جميع البلدان، كانت النسبة الأكبر من حالات الانتحار بين الرجال (مقارنة بالنساء) وبين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و64 عامًا (مقارنة بالذين تجاوزوا 65 عامًا).

بشكل عام، كان خطر الانتحار أكبر في أيام الاثنين حيث شكلت ما بين 15-18% من إجمالي حالات الانتحار. أما بالنسبة لتأثير عطلة نهاية الأسبوع على معدلات الانتحار، فقد كان متباينًا باختلاف المناطق. فمن جهة، انخفض خطر الانتحار في أيام السبت والأحد في العديد من دول أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا. ولكن، من جهة أخرى، ارتفعت هذه المعدلات في بلدان أمريكا الجنوبية والوسطى، فنلندا وجنوب أفريقيا.

أما بالنسبة ليوم رأس السنة، فقد لوحظ ارتفاع في احتمالية الانتحار في جميع الدول المدروسة، وكان ذلك بشكل أكبر بين الرجال. وفيما يتعلق بعيد الميلاد، وُجد اختلاف كبير بين الدول، حيث شهدت دول أمريكا الوسطى والجنوبية وجنوب أفريقيا زيادات طفيفة في حالات الانتحار، في حين انخفضت هذه المعدلات في عموم دول أمريكا الشمالية وأوروبا.

تعتبر التوتر الناتج عن بداية الأسبوع وضغط العمل من بين التفسيرات المحتملة لارتفاع حالات الانتحار في أيام الاثنين. ويرجح الباحثون أن ارتفاع استهلاك الكحول خلال فترة رأس السنة وعطلة نهاية الأسبوع قد يكون له دور أيضًا في هذه الظاهرة. ومع ذلك، يؤكدون الحاجة لمزيد من البحث لفهم هذه العوامل بشكل أعمق.

من المهم أن نلاحظ أن الدراسة قد تواجه بعض الحدود، وأن النتائج تمثل ملاحظات وليس بالضرورة علاقة سبب ونتيجة. إذ قد يحدث في بعض البلدان أن المعلومات حول حالات الانتحار لا يتم تبليغها أو تُصنف بشكل غير دقيق. كما أن تأثير الأنماط الوطنية المختلفة من الاحتفالات أو الفعاليات الثقافية لم يُقَيَّم على حدة في سياق خطر الانتحار بين الدول.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى