الحزب مستاء من مؤامرة الضمانات المفخّخة.. وهوكستين يعتمد للتواصل منسقة الأمم المتحدة حصراً

A

+

A

انطوان الأسمر
زادت في الأيام الأخيرة التكهنات بمآل التصعيد العسكري جنوبا نتيجة ارتفاع منسوب الميني حرب بين حزب الله وإسرائيل، وخصوصا مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن "مركز الثقل ينتقل بشكل تدريجي من الجنوب (غزة) إلى الحدود الشمالية مع لبنان"، لافتا إلى أن "الهجمات التي نفذناها في عمق لبنان استعداد لأي تطورات قد تحدث". وشكّلت الغارات في العمق اللبناني واستهداف الحزب الجولان المؤشر الأخطر منذ بدء حرب الإسناد في ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣.

ولا ريب أن تعثّر مفاوضات التسوية في غزة، وفشل مهمة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلنكن في اقناع كل من تل أبيب وحركة حماس بالقبول بمبادرة الرئيس جو بايدن، بموازاة الاستهدافات المباشرة لحزب الله في الجنوب والبقاع الشمالي، تركت مخاوف جدية من توسّع الحرب الاسرائيلية. لكن لم تصل إلى المسؤولين معطيات جدية في هذا الشأن، من غير أن يعني ذلك أن ثمة ضمانات بعدم الانزلاق صوب الحرب الشاملة. إذ إن أي تطورات ميدانية غير محسوبة، على غرار صاروخ مجدل شمس في الجولان السوري، قد تشكّل شرارة اندلاع حرب إقليمية. لذا لا تزال العواصم المعنية، بما فيها طهران المتأهبة والمترددة في آن، للرد على اغتيال القيادي في حركة حماس اسماعيل هنية، تقيس الأمور بدقة متناهية خشية خروج الأمور من نصابها.

وثمة انطباع بأن التصريحات الإسرائيلية العالية النبرة والتي تهدد بحرب قريبة، هي في جزء منها تهويل يندرج في إطار الضغط على حزب الله لثنيه عن تنفيذ رده على اغتيال القيادي العسكري فؤاد شكر.

وكانت البعثات الديبلوماسية الرئيسية العاملة في بيروت قد أنهتْ في الأيام الأخيرة استعداداتها اللوجستية والعملياتية تحوّطا للأسوأ. وهي وضعت خطط إجلاء رعاياها برا عبر سوريا ومن ثمّ الأردن أو تركيا، وبحرا عبر قبرص بواسطة المرافئ السياحية الموزّعة بين جونية والبترون. لكنّ لا مؤشرات على إجلاء قريب، وهو مؤشر إلى العواصم المعنية، وخصوصا واشنطن وباريس وبرلين، لا تزال تراهن على قواعد الاشتباك كضابط يحول دون توسع الحرب.

قد يفسّر هذا الواقع الاسترخاء السياسي الذي سبق أن أحاط المسؤولون أنفسهم به، وخصوصا في المرحلة التي أُغرق لبنان بكلام عن ضمانات أميركية بتحييد بيروت والضاحية الحنوبية، والمدنيين عنوما، عن أي استهداف إسرائيلي. وصار معروفا أن تلك الضمانات لم تكن صحيحة، وهو ما أفصح عنه بوضوح المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين لكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في زيارته الأخيرة لبيروت.

أوضح هوكستين أن ما نُقل عن لسانه غير صحيح بالمطلق قائلا: "لا أستمرئ الأشخاص الذين يتكلمون بإسمي، ولم أعطِ إطلاقا أي ضمانات، كما لستُ بوارد نقل تهديدات"، كاشفا أنه لم يعد يعتمد في التواصل مع المسؤولين اللبنانيين سوى على المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت. وعلّل قراره بأنه لم يعد يثق بأحد ممن كانوا سابقا معتمدين لتمرير رسائله، وخصوصا بعد تجربة الضاحية.

وتقصّد هوكستين تسمية هينيس-بلاسخارت كقناة رسمية ووحيدة، لكي ينهي أي دور سابق لناقلي الرسائل الأميركية، في إشارة خصوصا إلى نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، ولكيّ يقطع الشك باليقين بحيث يصبح كل من بري وميقاتي على دراية كاملة بالموقف الأميركي الرسمي.

وعُلم أن قيادة حزب الله مستاءة من رسالة الضمانات الوهمية، وهي أبلغت موقفها هذا إلى المعنيين، لافتة إلى أن ما حصل هو بمثابة رسالة مفخخة يتحمّل مسؤوليتها الأميركيون، ولكن أيضا من قبِل لعب دور ناقل الرسائل. لذا هي باتت تعتبر كل الدور الأميركي وما رافقه من وعود منقولة عن هوكستين، في سياق التآمر عليها، وتعيد النظر تدريجا في كل ما رافق تلك المرحلة من أحداث وتطورات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى