أخطر كمين إسرائيليّ يهدّد اللبنانيين.. ماذا قيلَ عن “المسافة الآمنة”؟

“متنا من الرعب”، هكذا وصفت عُلا الرجب حالتها عندما فرّت وأسرتها من منطقة الوزاني الحدودية إلى البقاع الغربي هربا من إنذارات جيش الاحتلال الإسرائيلي التي أعلن فيها نيته قصف الوزاني، وأضافت: “لم يكن لدي متسع من الوقت سوى احتضان صغيري والفرار به بعيداً، لقد خرجنا بما علينا من ثياب، وما إن ابتعدنا حتى نفذ تهديده ودمر منازلنا”.

Advertisement












وحال عُلا كحال مئات آلاف النازحين اللبنانيين الذين دفعتهم تحذيرات المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي إلى مغادرة منازلهم، أو الابتعاد مسافة 500 متر عن مبان، أو منشآت، أو مستودعات أسلحة يدعي المتحدث أنها موجودة وتابعة لحزب الله، وسيعمل على قصفها.

من جانبها، تصف حياة سلمان لحظات سماعها تحذيرات الإخلاء بالفاجعة، وتقول للجزيرة نت: “تزاحمت في مخيلتي صور طفولتي، أهلي، وأصدقائي، ومدرستي. خفت كثيرا وأصابني دوار لم أستفق منه إلا في السيارة مع أهلي. لقد خسرنا كل شيء”.

 

أسباب

من جهته، يقول رضا الرجب (نازح من الوزاني) للجزيرة نت، إنه بعد ليل عاصف بالقصف المدفعي، تلقى مختار القرية اتصالاً من الجيش الإسرائيليّ يبلغه فيه بقرار إخلاء القرية لأنه سيقصفها، وهذا ما حصل لاحقا، “ما يعني اعتماد العدو أكثر من صيغة في حربه النفسية”.

لكن ما سبب هذه التحذيرات خاصة أن الجيش الإسرائيلي يقصف بشكل عشوائي ويقتل العشرات ويدمر المباني وينسف القرى من دون رادع؟.

يُرجع الكاتب والمحلل السياسي يوسف مرتضى السبب المباشر إلى حجم الإدانة العالمية لما ارتكبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحق الشعب الفلسطيني من مجازر وتدمير وإبادة جماعية في غزة، “فخرج ببدعة التحذيرات المسبقة في حربه على لبنان لتلميع صورته على أنه يلتزم بقوانين الحروب من حيث تحييد المدنيين، وهذا مجانب للحقيقة والواقع”.

 

وأكد مرتضى -للجزيرة نت- فشل نتنياهو في تحقيق أي هدف سياسي في حربه وفي تأليب البيئة الحاضنة لحزب الله لأن أسلوب التحذيرات لم يبدل صورته الدموية بعد مقتل نحو 3500 مدني لبناني، وجرح أكثر من 13 ألفا آخرين، وتدمير عشرات القرى ومئات الأبنية في كل البلاد.

هل أصبح الشعب اللبناني أسير هذه التحذيرات؟

يوضح الكاتب مرتضى أن الموضوع له علاقة بخوف الناس وفزعهم في المناطق القريبة من الاستهداف مما يدفعهم إلى الهرب بعيداً طلباً للأمان، وعليه صاروا ينتظرون هذه التحذيرات، ويضيف: “صحيح حصل تراجع بعدد المصابين، لكن في موازاة ذلك نشهد تدميرا ممنهجا طال أحياء ومجمعات سكنية وبنى تحتية ومنشآت عامة”.

وبخصوص تصديق الشعب اللبناني لأدرعي، يؤكد المتحدث ذلك لأنه -برأيه- نفذ كل تهديداته التي تستهدف أمنهم، مشيراً إلى اغتيال الاحتلال محمد عفيف مسؤول إعلام حزب الله عبر عملية تضليل بواسطة تغريدات تحذيرية لمبنى في رأس النبع، ثم نفذ اعتداءه بعيد ساعات على مبنى حزب البعث السوري في لبنان الذي يقع على مسافة بعيدة من الآخر الذي هدده.. هنا، يضيف مُرتضى: “إذن، فإن العدو الإسرائيلي يستثمر موضوع التحذيرات المسبقة بأكثر من اتجاه”.

 

ادعاء زائف

من جانبه، يرى الخبير العسكري العميد مارون خريش أن حجم الخسائر البشرية والعمرانية يفضح زيف ادعاء إسرائيل بأنها حريصة على المدنيين من خلال التحذيرات التي تسبق عمليات القصف، مؤكداً أن “العدو لا يهتم لسلامة المدنيين، فهو عندما يطلب منهم الابتعاد مسافة 500 متر عن الهدف الذي حدده، يكون قد وضع مربعا فارغا تماما يمكن رصده ومتابعة أي شخص يدخل أو يخرج منه”.

وأضاف للجزيرة نت “يملك العدو تقنيات متطورة تمكنه من التقاط صور دقيقة حتى لرقم سيارة من ارتفاع 3 آلاف متر، أي أنه يتقصد تحديد مسافة الـ500 متر بهدف الرصد والتأكد من تدمير هدفه واصطياد أو متابعة أهداف جديدة، وبالتالي ليس لهذه المسافة علاقة بسلامة المدنيين، وأصلا هو لا يسأل عنهم”.

ويكشف العميد خريش عن هدف آخر وراء التحذيرات المسبقة بالإشارة إلى تشغيل الاحتلال لشبكات التجسس على الأرض باعتبارها عنصراً أساسياً لضخ المعلومات ومتابعة نتائج الغارات.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى