النساء والكعب العالي: علاقة شائكة في طريقها إلى الزوال؟

لطالما كان الكعب العالي هو رفيق المرأة الدائم في العديد من المناسبات، وتعتبره لمستها الأنيقة التي تمنحها أنوثة ورشاقة غير عادية، لدرجة تجعلها تتحمل آلامه لساعات طويلة مقابل أن تحصل على هذا اللوك الأنثوي.

ولطالما أبدع مصمّمو الأحذية حول العالم في اعتماد موديلات وتصاميم أنيقة تناسب احتياجات النساء، لا سيما أن بينهم مصممات عربيات ينافسن في عالم تصميم الأحذية وإحداهن المفضلة لدى ريهانا وبيونسيه…

ولكن مع كل ذلك، نلاحظ بنظرتنا الحيادية، أن موديلات الكعب العالي بدأت مع الوقت تختفي من إطلالات النجمات ومدونات الموضة، أو بمعنى أوضح، تعود لنا تصاميم أخرى كبديل عنها على ساحة الموضة.

بدأت أحذية الكعب العالي بالظهور لأوّل مرة من خلال أصول الفروسية في أوروبا بالقرن السابع عشر، إذ كان يرتدي الرجال هذه الكعوب كعلامة على المكانة الاجتماعية العالية، خصوصاً وأن الفروسية كانت مقتصرة فقط على الطبقات البورجوازية، وكانت تتميز الأحذية بكعب مربع سميك، بينما كانت أحذية النساء أقرب لشكل النعال وضيقة ومدببة أكثر، ومع الوقت أصبحت قطعة أنيقة ترتبط بأزياء النساء تحديداً في الحفلات الراقصة إذ تمنحهن الستايل المميز والأنثوي.

وفي بداية القرن العشرين، تطوّر الكعب العالي أيضاً مع الثورة الصناعية التي شهدتها أوروبا في القرن التاسع عشر، وأصبحت الأحذية تُصنع من الجلد والمواد المطاطية، كبديل عن الأخشاب في العصور الوسطى.

وأصبح الكعب العالي قطعة أنيقة مرتبطة بالنساء خصوصاً مع بداية ظهور دور الأزياء العالمية على غرار أزياء السيد كريستيان ديور وكوكو شانيل، وتوّليها تصميم القطع الفخمة مثل التايورات والفساتين الكلاسيكية، وكانت أغلب النساء تعتمد الكعب العالي حتى بإطلالتهن اليومية، ولم يكن الأمر مقتصراً على المناسبات المسائية فقط، فحتى أثناء خروجات التسوق كانت النساء تعتمد على الكعب السميك مربع الشكل، وفي المناسبات والسهرات كان الكعب يأخذ الشكل الأرفع.

ما رأيكِ في متابعة تصاميم عربية حاضرة في مسلسل Emily In Paris.

كان الكعب العالي في الخمسينيات والستينيات قطعة أنيقة وأساسية بالإطلالة اليومية للفتيات، ونلاحظ ذلك في أفلام تلك الفترة، إذ كانت تعتمد النجمات على الكعب العالي أثناء الخروجات المختلفة، وحتى مع ملابس البحر كنّ يعتمدن على أحذية الميول Mule مع الكعب القصير المزين بالورود ورسومات تناسب أجواء الصيف.

ما زالت موضة الكعب العالي مهيمنة على ساحة الموضة، ومع الوقت كانت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأنوثة، لكننا نلاحظ أن في فترة السبعينيات والثمانينيات، أصبح الكعب العالي السميك هو الأكثر ظهوراً على الساحة، واعتمدته النساء بشكل خاص مع هيمنة البناطيل الشارلستون الواسعة من ناحية الساق، مع ظهور أحذية البلاتفورم التي تحقق مبدأ الراحة نوعاً ما للسيدات، بحيث تعتمد على طبقة سميكة من الجزء الأمامي للحذاء، والكعب العالي السميك المعتاد للحذاء، والتي عادة ما كانت تُصنع من الجلد الفاخر، أو الفيرنيه اللامع.

وكان هذا الكعب هو المفضل لدى النساء آنذاك، إذ يحقق لهن مبدأ الراحة والعملية، وفي الوقت عينه يبرز أنوثتهن.

عادت موضة الكعب العالي الرفيع في فترة التسعينيات مرة أخرى، والذي يمنح النساء مظهراً أكثر أنوثة، لكنه لا يوفر الراحة، ولكنه ارتبط أكثر بالسهرات والمناسبات المسائية، في حين إعتمدت المرأة على الأحذية الرياضية والسنيكرز التي كانت رائجة في تلك الفترة بإطلالتها اليومية.

برزت موضة أحذية الباليرينا في منتصف التسعينيات حتى أوائل الألفية، وكانت قطعة أزياء أنيقة ومريحة بالنسبة للنساء، تعتمدها مع الأزياء العصرية في هذا الوقت مثل الجينز والبناطيل الجلد، وكانت هذه الفترة تركز أكثر على الفتاة المتحررة والجريئة، ولهذا برز لدينا مصطلحات مثل فتاة الموتوسيكل، ومعها بالطبع لن يكون هناك مكان للكعب العالي.

علاوة على ذلك، بدأت المرأة تركز أكثر على مبدأ الراحة، ولهذا برزت أيضاً أحذية الـ Loafers وأحذية الـ Saftey التي كانت مرتبطة أكثر بالصيحات الرجالية، لتعتمدها النساء بطريقة مختلفة وتنسقها بطريقة عصرية، مثلما ارتبطت الأحذية الـ Saftey بالبناطيل الجلد النسائية، وأحذية الـ Loafers كقطعة أنيقة بأزياء النساء في العمل.

سنلاحظ خلال عروض الأزياء المختلفة في المواسم الماضية اختفاء الكعب العالي بشكل واضح، حتى مع التصاميم الكلاسيكية والأزياء السواريه، بحيث تحل محلها الأحذية الأرضية تحديداً الباليرينا والـ Loafers والتي نتوقع أن تصبح ضمن أكثر الصيحات الأنيقة في موسم خريف 2024.

على سبيل المثال سنلاحظ في مجموعة جورجيو آرماني الأخيرة وجود حذاء الباليرينا مع البدل الكلاسيكية، بينما قدّمت دار شانيل بأكثر من مجموعة، الأحذية الأرضية البسيطة مثل مجموعتها لأزياء Cruise 2024-2025.

من الممكن أن نقول أن الأزياء الرياضية ساهمت أيضاً بشكل كبير في اختفاء الكعب العالي تدريجياً بالموسم الحالي والمواسم الماضية، ونتوقع أن يزيد هذا الأمر تدريجياً في المستقبل، فلم تعد الملابس الرياضية مجرد قطعة أنيقة مرتبطة بالجيم، بل أصبحت قطعة أساسية بإطلالات الفتيات، وتتنافس كل من دور الأزياء الفخمة وكذلك الماركات الرياضية في اعتماد تصايميم أكثر عصرية تناسب إطلالات الفتيات اليومية، ومعها سيكون للسنيكرز والأحذية الأرضية أولوية، في حين يتم استبعاد الأحذية الرياضية تماماً.

وفي الختام، قد يعجبكِ أيضاً أن موضة الكورسيه تعود من جديد.. نجمات ومدونات تألقن بها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى