خطوة ثورية: امرأة تتلقى زرع كلى من خنزير معدل جينياً وتخرج للعيش حياة جديدة!
أول عملية زراعة كلية خنزير معدلة جينيًا في الولايات المتحدة
اجتاز الزراعة التجريبية لكلية خنزير معدلة جينيًا عقبة جديدة من خلال نجاح العملية التي أجريت لامرأة أمريكية، مما يمثل تقدمًا ملحوظًا في ميدان زراعة الأعضاء البينية ويعزز آمال استخدام هذه التكنولوجيا في التجارب السريرية الموثوقة.
القضية الأساسية: الحاجة إلى الأعضاء
جرت العملية في مستشفى NYU Langone Health وكان ذلك في 25 نوفمبر 2024. كما أظهرت هذه العملية إمكانيات بديلة للتغلب على معضلة توفر الأعضاء الحيوية في عالم يواجه نقصًا حادًا.
تناولت الحاجة الملحة لهذه العملية حالة Towana Looney، السيدة البالغة من العمر 53 عامًا من ألاباما، التي كانت تتطلع لزراعة كلية منذ عام 2017.
تجارب سابقة أدت إلى العملية
في تسعينيات القرن الماضي، قامت Looney بالتبرع بإحدى كليتيها لوالدتها. ومع مرور الزمن، عانت من تدهور في عمل كليتها الوحيدة بسبب مشاكل ناجمة عن ارتفاع ضغط الدم. وأدى ارتفاع عدد الأجسام المضادة في دمها إلى تقليل فرص الحصول على متبرع بشري مناسب، مما دفعها نحو التجربة الحالية.
رقم واحد مهم: العودة للحياة الطبيعية
عبرت Looney عن فرحتها بعد العملية، قائلة: “أشعر بسعادة غامرة. أشعر أنني محظوظة جدًا للحصول على هذه الفرصة الثانية في حياتي.” ووصفت شعورها بالتجدد بعد العملية بقولها: “أشعر بالنشاط، ولدي شهية لم أشعر بها منذ ثماني سنوات.”
وتعتبر هذه الزراعة الثالثة من نوعها التي تتم بنجاح لدى إنسان حي. الفريق الطبي في NYU Langone استخدم كلية من خنزير تم تعديله جينيًا بواسطة شركة Revivicor، التي تحمل سجلاً حافلاً من النجاحات السابقة في مجال زراعة الأعضاء الألياف.
آفاق مستقبلية واستخدامات جديدة
تراعي الكلية المُازَة نحو عشرة تعديلات جينية، والتي تم تصميمها لإزالة بعض الجزيئات التي تحفز الجهاز المناعي لدى الإنسان فضلاً عن حذف مستقبلات هرمون النمو. ذلك يعزز من احتمال توافق العضو الجديد مع جسم المستلم.
احتفل البروفيسور روبرت مونتغومري، قائد الفريق في المعهد للزراعة لدى NYU، بهذا الإنجاز، مشيرًا إلى أهميته: “هذا يتيح لنا فهمًا أعمق للتجارب السريرية المستقبلية.”
على الصعيد الصحي، أظهر هذا العضو المزروع نجاحه الفوري، مما ألغى الحاجة إلى الغسيل الكلوي بعد ما يزيد عن ثماني سنوات. غادرت Looney المستشفى في 6 ديسمبر وتتابع حالتها عبر الأجهزة القابلة للارتداء التي تقيس علامات الحياة مثل نبض القلب وضغط الدم. كانت سرعة تعافيها مفاجئة حتى لأطبائها.
أرقام مفزعة: أعداد كبيرة على قوائم الانتظار
في الوقت الراهن، فإن أكثر من 103,000 شخص في الولايات المتحدة ينتظرون زراعة الأعضاء، ويحتاج معظمهم إلى كلى. تشير الإحصائيات الفيدرالية إلى وفاة 17 شخصًا يوميًا بسبب نقص الأعضاء المتاحة. وقد دفعت هذه الأزمة العلماء للبحث عن بدائل مبتكرة مثل زراعة الأعضاء من حيوانات معدلة وراثيًا.
أشار ديفيد أيايرز، رئيس شركة Revivicor، إلى الهدف طويل الأجل للبحث، وهو: “توفير إمدادات لامحدودة من الأعضاء”. يشمل رؤية شركته تربية خنازير معدلة جينيًا في مزارع متخصصة لتوفير أعضاء مثل الكلى والقلوب والكبد.


التحديات الأخلاقية والعلمية التي تواجه زراعة الأعضاء من الحيوانات
بيد أن تطبيق هذه التكنولوجيا على نطاق واسع يتضمن تحديات انتقادات أخلاقية. ناقش خبراء في العلوم الحياتية ضرورة التحليل الجيد لـالأمان والفعالية لتطبيق زراعة الأعضاء البينية قبل الانتقال للاختبارات السريرية الأكبر. حيث أشار مايكل غوسمان من جامعة ليهاي إلى أن الإجراءات الحالية تحت ما يسمى بـ “الاستخدامات الإنسانية” مفيدة، لكنها لا تعطي نتائج قابلة للتعميم بسبب اختلافات المرضى.
إلى جانب ذلك، ذكرت كارين ماشكي، أستاذة الأخلاقيات في مركز هاستينغ، أنه “من الصعب استنتاج الفعالية والأمان من زراعة الأعضاء في ظل تنوع التعديلات الجينية على الخنازير.” لذا، تصبح المعايير أساسية لنجاح التجارب السريرية المستقبلية.


من بين المخاوف الرئيسة هو احتمال انتقال الفيروسات من الأعضاء الحيوانية إلى البشر. يعد PERV، نوعًا من الفيروسات ال retroviruses، مصدر قلق لدى المتخصصين في الصحة العامة. وأكد أياير أن Revivicor قد اعتمد اختبارات شاملة لتقليل هذه المخاطر، بما في ذلك فحوصات دورية للطاقم الطبي.
آمال وقلق بشأن المستقبل
رغم أن الأبحاث في مجال زراعة الأعضاء من الحيوانات شهدت ازدهارًا في السنوات الأخيرة، إلا أن الإجراءات لا تزال تجريبية ومتاحة فقط للمرضى الذين يعانون من حالات خطيرة. ومع ذلك، يصر الناقدون مثل دايل جونسون، من جامعة SUNY Upstate، على أن المخاطر لا تزال غير مفهومة بشكل كامل. وقال: “من المستحيل التنبؤ بالعواقب المحتملة في حال انتقال فيروس من إنسان إلى إنسان.”


بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من احتمال أن تصبح الخنازير مستضيفات لفيروسات مثل H5N1 (إنفلونزا الطيور)، مما يزيد من الخطورة على المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة.
تعتبر المسائل المتعلقة برفاهية الحيوانات موضوع نقاش جاد. إذ انتقد جونسون استخدام الخنازير المعدلة جينيًا بقوله: “التعديل الجيني يمثل محاولة لتطبيق حل غير متناسق، ولكن ماذا عن الآثار المترتبة على الخنزير؟ كيف يؤثر ذلك على صحته؟”
نظرة مستقبلية
على الرغم من التحديات الأخلاقية والعلمية، تقدم Looney يمثل شعاع أمل للعديد من المرضى في حالات حرجة. تعافت بشكل أسرع من المتوقع، وبعد مغادرتها المستشفى تتابع إجراءات المتابعة من خلال مراقبة يومية لمدة ثلاثة أشهر.
تَقدَّمَت Looney بأفكار متفائلة للمستقبل، حيث قالت: “أشعر بأنني إنسانة جديدة، أشعر وكأن لدي فرصة جديدة في الحياة.” وذكرت أنها تخلصت من الأعراض التي كانت تعاني منها قبل العملية، مثل البؤس والتعب، وأعربت قائلة: “لم أعد أعاني من الضعف أو التعب… يمكنني تناول المزيد من الطعام والشرب، والمشي لمسافات أطول. إنه أمر مذهل.”
الأبحاث الإضافية في الهيمنة المستقبلية للحلول الصحية
تعمل كل من Revivicor وشركتها المنافسة eGenesis على تقدم مشروعاتها نحو التجارب السريرية. من الممكن أن تبدأ Revivicor التجارب في عام 2025 عند الحصول على موافقة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).
في سبتمبر، قامت eGenesis بجمع 191 مليون دولار إضافية لتسريع مشاريع زراعة الكلى المعدلة باستخدام تقنية CRISPR وتجهيزها للاختبارات البشرية في النصف الثاني من عام 2025.
تتطلب العمليات السريرية سنوات عديدة من الاختبارات لإثبات قدرة زراعة الأعضاء من الحيوانات على العمل وتقديم حل فعال لنقص الأعضاء في البلاد. حاليًا، هناك أكثر من 100,000 شخص في قائمة الانتظار لزراعة الأعضاء في الولايات المتحدة، وأغلبهم في حاجة إلى كلى.
وفي الوقت نفسه، تشعر Looney بالتفاؤل والحماس نحو المستقبل. “أريد أن أذهب إلى ديزني وورلد”، قالت بينما كانت تضحك، تستمتع بنعم الحياة اليومية التي أتاحها لها كليها الجديد.