حكم صيام شهر رجب كاملاً.. هل هو مستحب أم بدعة؟

مع بداية شهر رجب لعام 1446 هجريًا، يتساءل العديد من المسلمين حول حكم صيام شهر رجب كاملاً، حيث يكثر الحديث عن فضائل هذا الشهر ومكانته في الإسلام. 

ويعتبر شهر رجب من الأشهر الحرم التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، ولكن ماذا عن صيامه كاملاً؟ هل هو مستحب أم أنه بدعة؟ سنتناول في هذا المقال الحكم الشرعي لصيام شهر رجب، مع بيان الأعمال المستحبة فيه وفق السنة النبوية.

حكم صيام شهر رجب كاملاً في الإسلام

حكم صيام شهر رجب كاملاً ليس من السنن الثابتة أو المستحبة الخاصة بهذا الشهر. بل يُعد صيام شهر رجب كاملاً أمرًا جائزًا، بشرط أن يكون صيامًا تطوعيًا وليس اعتقادًا بخصوصية الشهر. وفقًا لما ذكره العلماء، لم يرد في السنة النبوية أي حديث صحيح يبين فضلًا خاصًا لصيام شهر رجب بالكامل، ولذلك لا يُستحب تخصيصه بالصيام دون غيره من الأشهر.

قال الإمام ابن حجر في “فتح الباري”: “لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معيّن ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة”. وبالتالي، من الأفضل أن يُصام شهر رجب كأي شهر آخر من الشهور، دون تخصيصه بعادات أو عبادات لم ترد في النصوص الشرعية.

صيام الأيام المستحبة في شهر رجب

على الرغم من عدم وجود أحاديث خاصة بصيام شهر رجب كاملاً، إلا أن هناك بعض الأيام التي يُستحب فيها الصيام في هذا الشهر، ومنها:

  • الاثنين والخميس: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام هذين اليومين من كل أسبوع.
  • الأيام البيض (13، 14، 15 من الشهر الهجري): وهي سنة مؤكدة في كل الشهور الهجرية، ويُستحب صيامها في شهر رجب أيضًا.
  • صيام يوم وإفطار يوم: كصيام النبي داود عليه السلام، حيث يُستحب هذا النوع من الصيام في أي وقت من السنة.

حكم إفراد شهر رجب بالصيام

إفراد شهر رجب بالصيام كاملاً اعتقادًا بفضيلته أو تخصيصه بهذا الفعل يُعد من البدع. يقول ابن القيم في كتابه “زاد المعاد”: “لم يصم النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا كاملاً سوى رمضان، ولم يخصص شهرًا بعينه للصيام غيره”. وبالتالي، إفراد شهر رجب بالصيام بدافع اعتقاد فضيلته يعد من الممارسات التي لا أساس لها في السنة النبوية، ويمكن أن تؤدي إلى الوقوع في البدعة.

حكم صيام يوم الجمعة من شهر رجب

صيام يوم الجمعة منفردًا يُعد مكروهًا، إلا إذا كان له سبب مشروع مثل أن يكون من ضمن الأيام البيض أو يومًا اعتاد المسلم على صيامه. ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده” (رواه مسلم). وهذا يُستفاد منه أنه لا يُستحب صيام الجمعة بمفرده إلا إذا كان مرتبطًا بمناسبة خاصة.

فضل الصيام في الأشهر الحرم

شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم الأربعة التي ذُكرت في القرآن الكريم، وقد ورد في الحديث: “صم من الحرم واترك” (رواه الطبراني)، وهو حديث ضعيف ولا يُبنى عليه حكم قطعي. رغم ذلك، من المستحب الإكثار من الطاعات في هذه الأشهر بشكل عام، ويُستحب صيام بعض أيامها كتقرب لله تعالى، لكن يجب تجنب أي اعتقاد بخصوصية أو فضل معين لهذا الصيام.

اقرأ أيضا

في أول ليلة من شهر رجب.. كم باقي على شهر رمضان 1446هـ؟

دعاء أول ليلة في رجب.. “اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان”

أعمال مستحبة في شهر رجب

إلى جانب الصيام، يمكن للمسلم أن يكثر من الطاعات الأخرى في شهر رجب، مثل:

  • الاستغفار: الإكثار من التوبة وطلب المغفرة.
  • الصلاة: أداء النوافل والتهجد.
  • الصدقة: مساعدة المحتاجين وزيادة الأعمال الخيرية.
  • تلاوة القرآن: زيادة ورد القراءة اليومية.

حكم تخصيص أول أيام شهر رجب بالصيام

لا يوجد نص شرعي يُؤكد تخصيص أول أيام شهر رجب بالصيام أو بأي عبادة أخرى. ومع ذلك، يُمكن الصيام في هذا اليوم بنية صيام تطوعي دون تخصيص الشهر نفسه بشيء من العبادة. حيث لا يُستحب الإكثار من العبادة في هذا اليوم بذاته إلا إذا كان ذلك في إطار الصيام المعتاد.

تحذير من البدع المرتبطة بشهر رجب

البدع المرتبطة بشهر رجب منتشرة في بعض الأوساط الإسلامية، ومنها اعتقاد أن صيام هذا الشهر كاملاً يُضاعف الأجر أو أن له ثوابًا مميزًا مقارنة ببقية الأشهر الحرم. ولكن لم ترد أي أحاديث صحيحة تدل على هذا، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخصص أي شهر من السنة بالصيام إلا شهر رمضان.

مكانة شهر رجب في الإسلام

شهر رجب يُعد من الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال، وجاء تحذير في القرآن الكريم: “فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ” (التوبة: 36). كما يعتبر شهر رجب ذو أهمية تاريخية كبيرة حيث شهد حدث الإسراء والمعراج في الليلة السابعة والعشرين، وهي المعجزة التي ارتقى فيها النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات.

أهمية النية في الصيام التطوعي

تعد النية في العبادات من الأساسيات التي تحدد قبول العمل من عدمه. فإذا صام المسلم في شهر رجب بنية التقرب إلى الله كصيام نافلة معتادة، كان له أجر عظيم. أما إذا خصص الصيام باعتقاد وجود فضل خاص لهذا الشهر دون دليل شرعي، فقد يقع في البدعة.

الفرق بين العادات والعبادات

من المهم أن يُفرق المسلم بين العادات والعبادات. فالعادات التي لا تستند إلى دليل شرعي لا تُعد عبادات، مثل صيام رجب كاملاً اعتقادًا بفضيلته الخاصة. لذلك، يُفضل الاقتصار على الصيام التطوعي كالصيام في الأيام البيض أو صيام الاثنين والخميس.

شهر رجب هو فرصة عظيمة للتقرب إلى الله وتعزيز الطاعات استعدادًا لشهر رمضان. ويجب على المسلم أن يتجنب البدع المتعلقة بصيام هذا الشهر وأن يلتزم بما ورد في السنة النبوية من أعمال مستحبة. اجعل نيتك خالصة لله في جميع الأعمال التي تقوم بها خلال هذا الشهر، وابتعد عن تخصيص عبادات لم ترد في النصوص الشرعية، مع الإكثار من الاستغفار والصلاة والصدقة.

تابع أحدث الأخبار
عبر
google news


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى