ترامب يفتح الباب أمام “صفقات اقتصادية” مع موسكو.. ما القصة؟

التصريحات الأخيرة الصادرة عن البيت الأبيض، مدعومة بإشارات من الرئيس دونالد ترامب، تعكس تحولاً لافتاً في أسلوب التعامل مع الأزمة الأوكرانية، حيث بات الحديث يدور حول “السلام عبر الاقتصاد” أكثر من مجرد مواجهات ميدانية، وبما يتضمن صفقات اقتصادية لواشنطن مع كييف (لا سيما فيما يخص اتفاق السيطرة الأميركية على نسبة من معادن أوكرانيا النادرة) ومع روسيا.
اللافت أن هذا التحول يتزامن مع مساعٍ أميركية واضحة لجس نبض الكرملين بشأن تفاهمات ثنائية، فيما تتزايد التلميحات إلى إمكانية تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا، إذا ما أبدت مرونة في إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وبينما يبرز الرئيس الأميركي دوره كوسيط بين موسكو وكييف، يبدو أن الجانب الاقتصادي بات جزءاً لا يتجزأ من مسار الحل السياسي، وهو ما انعكس في التصريحات المتوالية لمسؤولين أميركيين حول فرص التعاون التجاري مستقبلاً.
ووسط هذه المتغيرات، تتجه الأنظار إلى الكيفية التي ستنعكس بها هذه التفاهمات على أرض الواقع، خاصة فيما يتعلق بعودة الشركات الأميركية إلى السوق الروسية، وتعافي التبادل التجاري الذي تقلّص بفعل العقوبات.
ومع ذلك، فإن ثمة أسئلة جوهرية تظل عالقة حول مدى استعداد المستثمرين الحاليين للتخلي عن أصول استحوذوا عليها في ذروة الأزمة، وكيف ستوازن موسكو بين هذه الانفتاحات الاقتصادية المحتملة والتزاماتها السياسية.
“صفقات اقتصادية”
وبحسب ترامب، فقد تم تحقيق “الكثير من التقدم (في المحادثات مع روسيا”، مردفاً: “لقد أجرينا بعض المحادثات الجيدة للغاية مع موسكو.. وكما نفعل مع أوكرانيا، يمكننا تحقيق بعض التنمية الاقتصادية فيما يتعلق بروسيا والحصول على الأشياء التي نريدها”.
وإلى ذلك، نقلت “بلومبرغ نيوز” عن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، قوله يوم الخميس الماضي، أن روسيا قد تحصل على بعض الإعفاء من العقوبات الأميركية بناء على استعدادها للتفاوض على إنهاء حربها في أوكرانيا.
وردا على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لزيادة العقوبات على روسيا أو تقليصها اعتمادا على كيفية سير المحادثات لإنهاء حرب أوكرانيا، قال بيسنت: “سيكون هذا وصفا جيدا للغاية”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، فاجأ الرئيس الأميركي العواصم الأوروبية عندما دفع إلى التوصل إلى اتفاق سلام سريع من خلال محادثات ثنائية مع موسكو.
وفي مؤتمر صحافي عقب لقائهما، قال ماكرون إن ترامب لديه “سبب وجيه” لإعادة التواصل مع بوتن بشأن الصراع، مضيفًا أن الأوروبيين “يدركون جيدًا” أنهم بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتعزيز الأمن الأوروبي.ولكنه دعا أيضا مرارا وتكرارا إلى أن تكون الضمانات الأمنية الأميركية لأوكرانيا جزءا من أي اتفاق سلام.
تطبيع اقتصادي
قد يحدث نوع من “التطبيع الاقتصادي” بين روسيا والولايات المتحدة، لكن ذلك لن يكون بسرعة؛ لأن إجراءات رفع العقوبات ليست فورية.
الولايات المتحدة دولة مؤسسات، ولا يمكن لترامب رفع العقوبات عن روسيا بمجرد قرار فردي.
بالنسبة لعودة الشركات الأميركية إلى السوق الروسية، فهذا وارد نظرياً، لكن عملياً، معظم هذه الشركات إما تم تأميمها أو بيعها لمستثمرين روس بأسعار زهيدة.
لذلك، لا يتوقع القليوبي أن يفرّط المستثمرون الحاليون في هذه الأصول بنفس الأسعار، خاصة وأن عملية البيع تمت في وقت كانت فيه أسعار الأصول في روسيا منخفضة بسبب ذروة الحرب. أما الآن، فالوضع أكثر استقراراً، وكما هو معلوم، يؤدي الاستقرار الجيوسياسي عادةً إلى ارتفاع قيمة الأصول.
عودة الشركات الأميركية
يأتي ذلك في وقت يسعى فيه ترامب إلى التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا وأجرى مكالمات منفصلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذا الشهر.
وقال ويتكوف: “من الواضح أن هناك توقعات بأنه إذا توصلنا إلى اتفاق سلام، فسوف تتمكن الشركات الأميركية من العودة إلى هناك والقيام بأعمال تجارية هناك.. وأعتقد بأن الجميع سيصدقون أن هذا سيكون أمرا إيجابيا وجيداً”.
شكوك حول عودة الشركات
التقرير يربط الوضع الراهن بواقع سياسي معقد، إذ أن عودة الشركات الأميركية تتوقف أيضاً على أي تغييرات محتملة في السياسة الأميركية تجاه روسيا، سواء في الوقت الحالي أو بعد الانتخابات المقبلة.
حجم التجارة
يرى دويدار أنه في حال تم التوصل إلى توافق بين الإدارتين الأميركية والروسية، ورفع العقوبات بما في ذلك الحصار المصرفي واللوجيستي، فإن ذلك سيفتح آفاقاً واسعة للشركات الأميركية لدخول السوق الروسية وأسواق الاتحاد الأوراسي.
على سبيل المثال، يمكن للسيارات الأميركية المصنعة في الولايات المتحدة أن تحل محل السيارات الأوروبية بعد انسحاب الشركات الأوروبية من السوق الروسية.
ويعتقد المحلل الروسي بأنه من الممكن إعادة إحياء التجارة بين البلدين لتصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، وربما أكثر، وذلك بناءً على الاتفاقات المتعلقة ليس فقط بأوكرانيا، بل أيضاً بالقضايا الجيوسياسية الأخرى المرتبطة بالاقتصاد العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، يشير دويدار إلى إمكانية تأثير الولايات المتحدة على تقليل ما وصفه بـ “عدوانية التحالف الأوروبي” في دعمه لأي تحركات ضد روسيا. (سكاي نيوز)