دليلكِ الشامل لمعرفة أهم أعمال ليلة النصف من رمضان

إن دخول رمضان فرصة عظيمة للعابدين لاستغلال نهاره بالصيام والعلم والتعليم، وليله بالإطعام والصلاة والدعاء، ومن كان يومه كأمسه فهو مغبون، وكذا من كان رمضان عنده كشعبان فهو مغبون،
لذلك، ينبغي أن يستغل المسلم هذا الشهر المبارك للعمل الصالح وليكون فيه أفضل مما كان قبله، وليكون بعده أفضل مما كان فيه، وقد كان حال بعض السلف في العبادة عظيماً في رمضان وفي غير رمضان. وإليكِ أجمل أدعية رمضان قصيرة ومستجابة.
اللّيلة الخامِسَة عَشرة: لَيلَة مباركة وفيها أعمال:
الغسل.
زيارة الحسين (عليه السلام).
الصلاة ستّ ركعات بالفاتحة ويس وتبارك والتَوحيد.
الصلاة مائة ركعة، يقرأ في كُلّ ركعة بَعد الفاتحة التَوحيد عَشر مرات.
روى الشَيخ المفيد في المقنعة عَن أمير المؤمنين (عليه السلام): “أنَّ مَن أتى بها ارسل الله تعالى إليهِ عَشرة أملاك يدفعون عنه اعداءه من الجنّ والانس، ويرسل ثلاثين ملكا عِندَ الموت يؤمنونه مِن النّار”.
عَن الصّادق (عليه السلام) أنّه قيل لَهُ: ما ترى لمن حضر قبر الحسين (عليه السلام) لَيلَة النصف مِن شَهر رَمَضان؟ فقالَ: “بخٍ بخٍ، مَن صلّى عِندَ قبره لَيلَة النّصف مِن شَهر رَمَضان عَشر ركعات مِن بَعد العشاء مِن غير صلاة اللّيل، يقرأ في كُلّ ركعة فاتحة الكتاب وَقُلْ هُوَ الله أَحَدْ عَشر مرّات، واستجار بالله مِن النّار كتبه الله عتيقاً مِن النّار، ولَمْ يمت حتّى يرى في منامه ملائكة يبشّرونه بالجنّة وملائكة يؤمِّنونه مِن النّار.
صلاة الليلة الخامِسَة عَشرة: أربع ركعات، في الأوّليين يقرأ بَعد الحَمد التَوحيد مائةَ مرةٍ وفي الآخريين يقرأها خمسون مرةٍ. وإليكِ دعاء اليوم العشرين من رمضان سيفتح لكِ أبواب الجنان.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه البخاري (37)، ومسلم (759).
وعن أبي ذر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.
رواه الترمذي (806) وقال: حسن صحيح، والنسائي (1364)، وأبو داود (1375)، وابن ماجه (1327).
وكانت امرأة حبيب أبي محمد تقول له بالليل: ” قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد، وزادنا قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدَّامنا، ونحن قد بقينا “
قال محمد بن المنكدر: ” إني لأدخل في الليل فيهولني، فأصبح حين أصبح وما قضيت منه أربي ” (أي: حاجتي)
وعن ابن جريج صحبت عطاء – وهو ابن أبي رباح – ثماني عشرة سنة، وكان بَعد ما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة فيقرأ مئتي آية من البقرة وهو قائم لا يزول منه شيء ولا يتحرك.
وقد كان مجيء قوله تعالى وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون بين آيات الصيام دليلاً واضحاً على أهمية هذه العبادة في هذا الشهر.
والدعاء هو العبادة، وهو يدل على افتقار العبد إلى ربه وحاجته إليه في كل حال، وقد سمَّاه الله تعالى عبادة في قوله: وقال ربكم ادعونني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين غافر / 60.
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان. رواه البخاري (1921)، ومسلم (1171).
قال ابن القيم رحمه الله – مبيِّناً بعض الحِكَم من الاعتكاف -:
” لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفاً على جمعيته على الله، ولمِّ شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى؛ فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام؛ مما يزيده شعثاً ويشتته في كل واد، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى أو يضعفه، اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة عن سيره إلى الله، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده، بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها…. ” انتهى من ” زاد المعاد ” (2 / 86، 87).
وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة. رواه البخاري (6)، ومسلم (2308).
قال النبي صلى الله عليه وسلم: الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعتُه الطعام والشهوة فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النوم بالليل فشفِّعني فيه، قال: فيُشفَّعان رواه أحمد (6589) بسند صحيح.
شهر رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته، وقد كان حال السلف العناية بكتاب الله، فكان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان، وكان عثمان بن عفان – رضي الله عنه – يختم القرآن كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمه، يقرؤها في غير الصلاة، وكان الأسود يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان.
وقال ابن عبد الحكم: ” كان مالك إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف. ” وقال عبد الرزاق: ” كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن. ” وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
قال ابن رجب: ” إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان. “