الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي قد تزيد من معاناة المرضى

تشير دراسة حديثة إلى أن المعلومات المضللة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون سببًا رئيسيًا في تفاقم الأعراض لدى المرضى، وذلك بسبب تأثير نفسي يعرف باسم «التأثير العكسي للدواء الوهمي» أو «تأثير النوسيبو».

من المعروف أن تأثير الدواء الوهمي (Placebo Effect) يمكن أن يجعل المرضى يشعرون بتحسن عندما يعتقدون أنهم يتلقون علاجًا فعالًا. لكن العكس يمكن أن يحدث أيضًا: إذا كان الشخص مقتنعًا بأن العلاج سيسبب له أعراضًا جانبية سلبية، فقد يبدأ في الشعور بهذه الأعراض حتى وإن لم تكن لها أسباب طبية واضحة.

في دراسة نُشرت في Health Psychology Review، قام باحثون في أستراليا بجمع وتحليل الأدلة المتاحة حول العوامل التي تساهم في تأثير النوسيبو. ووجدوا أن التعلم الاجتماعي – وهو تأثير آراء الآخرين على تصورات الشخص – يعد أحد أقوى العوامل، بل ويتجاوز في تأثيره المعلومات التي يقدمها الأطباء.

بحسب كوزيت سوندرز، الباحثة في جامعة سيدني والمؤلفة الرئيسية للدراسة، فإن المعلومات المغلوطة المنتشرة عبر الإنترنت قد لا تسبب أمراضًا جديدة، لكنها يمكن أن تزيد من الآثار الجانبية للأمراض والعلاجات، مما يثقل كاهل الأنظمة الصحية بتكاليف إضافية ضخمة.

مثال على ذلك: في علاج السرطان، تم تطوير أدوية جديدة للحد من الغثيان والقيء المصاحب للعلاج الكيميائي، ولكن العديد من المرضى لا يزالون يعانون من هذه الأعراض ليس بسبب الأدوية نفسها، ولكن لأنهم مقتنعون بأنهم سيعانون منها، بناءً على تجارب قديمة نقلها لهم الآخرون.

خلال جائحة كوفيد-19، وجدت دراسات في الولايات المتحدة وأستراليا أن الأشخاص الذين تعرضوا لمعلومات مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي حول الآثار الجانبية للقاحات كانوا أكثر عرضة للإبلاغ عن هذه الآثار الجانبية بأنفسهم، حتى وإن لم تكن هناك أسباب طبية واضحة لظهورها.

رغم أن تأثير الدواء الوهمي معروف منذ قرون، فإن دراسة تأثير النوسيبو وتأثيره في العالم الحقيقي لا يزال حديثًا نسبيًا، ولم يتمكن العلماء بعد من فهمه بالكامل. لكنهم وجدوا أن العقلية السلبية قد تؤدي إلى أعراض جسدية حقيقية، مثل زيادة معدل ضربات القلب والتوتر البدني.

تحاول عدة فرق بحثية الآن إيجاد طرق للحد من تأثير النوسيبو. ومن بين الحلول المطروحة، تقترح سوندرز أن يتم موازنة التحذيرات من الآثار الجانبية بإبراز شهادات إيجابية من المرضى الذين لم يواجهوا مشكلات، مما قد يساعد في تقليل التوقعات السلبية لدى الآخرين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى