ثورة علاجية جديدة: كيف يمكن علاج سرطان الدم الأكثر شيوعاً؟ ما الذي ينتظره المرضى في إسبانيا؟

القلق المتزايد حول مرض السرطان
تظل كلمة “سرطان” موضوعًا يثير الكثير من المخاوف بين الناس، وهذا ليس بلا سبب، حيث أصبح الآن السبب الأول للوفاة في العديد من البلدان، متجاوزًا بذلك الأمراض القلبية الوعائية. تختص هذه المخاوف بشكل أكبر عندما يتعلق الأمر بأنواع السرطان الدموية، والتي تحتل المرتبة الخامسة من بين أكثر الأورام شيوعًا في إسبانيا، خلفا لأورام الثدي والبروستاتا والرئة والقولون. ومن المتوقع أن يتم تشخيص حوالي 26,000 حالة جديدة من أورام الدم بحلول عام 2026، ما يعادل نحو 10% من إجمالي الحالات الجديدة التي ستسجل في العام المقبل، وفقًا لتقرير «إحصائيات السرطان الدموي في إسبانيا» الذي قدمته الجمعية الإسبانية لأمراض الدم وزرع الأعضاء (SEHH) و الشبكة الإسبانية لسجلات السرطان (Redecan).
تنوع نوع السرطان الدموي
من الواضح جدًا أن السرطان لا يعتبر مرضًا واحدًا فحسب، بل يشمل طيفًا واسعًا من الأنواع. يتجلى هذا التنوع بشكل أكبر عندما نتناول السرطان الدموي، حيث تتعدد أنواعه وأشكاله بشكل يتعذر حصره. وفقًا لما صرح به البروفيسور رافائيل ماركوس-غراير من وحدة وبائيات السرطان، فإن الأورام اللمفاوية هي الأكثر شيوعًا، إذ تمثل حوالي 71% من الحالات المتوقعة عام 2026. بشكل عام، تعد الأورام اللمفاوية السابعة من بين أكثر الأورام انتشارًا في العالم، مع تسجيل زيادة خفيفة في الحالات خلال السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك إلى شيخوخة السكان، حيث يتم اكتشافها بشكل شائع بين الأشخاص من 60 إلى 65 عامًا، كما أوضح البروفيسور راوول قرطبة من وحدة الأورام اللمفاوية في مستشفى Fundación Jiménez Díaz.
رفع الوعي حول السرطان اللمفاوي
في 15 سبتمبر من كل عام، يتم الاحتفال بـ اليوم العالمي للأورام اللمفاوية، وهي مناسبة تهدف إلى زيادة الوعي بمدى انتشار هذا النوع من السرطان. يتيح هذا اليوم الفرصة لمراجعة التقدم الذي تم إحرازه في علاج هذا النوع من السرطان، حيث اقتربت بعض الأنواع من أن تكون قابلة للشفاء بشكل كامل، رغم أن هناك أكثر من 60 نوعًا مختلفًا.
معدل البقاء على قيد الحياة والتطور العلاجي
تشير إحصائيات الفترة ما بين 2009 و2019 إلى أن معدل البقاء على قيد الحياة للسرطانات الدموية كان حوالي 62.1%. بين هذه الأنواع، كانت الأورام اللمفاوية تحمل أفضل معدلات البقاء، مع نسبة تصل إلى 67.9% على مدى خمس سنوات بعد التشخيص. هذه الأرقام تبشر بمستقبل مشرق بفضل الأساليب العلاجية المتطورة المعتمدة اليوم، كما يؤكد أليخاندرو مارتين من مجموعة الأورام اللمفاوية.
بشائر الأمل في علاج الأورام اللمفاوية
مع تزايد الابتكارات التي تطرأ على علاجات الأورام اللمفاوية، هناك أمل كبير في زيادة معدلات الشفاء. يؤكد قرطبة أنه يمكن الآن تحقيق معدلات شفاء مرتفعة، خصوصًا في الأورام اللمفاوية من النوع الأكبر، بينما يمكن أيضاً إدارة حالة المرض بشكل مزمن في الأنواع الأكثر شيوعًا مثل الورم اللمفاوي الجريبي. إن أدوات العلاج الحديثة مثل العلاج المناعي، والعلاجات الجزيئية المستهدفة، والعلاج الخلوي مثل CAR-T تظهر نتائج واعدة، مما يبشر بمستقبل أكثر إشراقًا للمرضى.
أهمية الوصول إلى العلاجات
على الرغم من التفاؤل الذي يحيط بالتطورات العلاجية، يبقى الوصول إلى هذه العلاجات المتقدمة مقلقًا. قرطبة يُلقى الضوء على أنه بينما هناك تقدم هائل في البحث العلمي، لا يزال التحدي الأكبر هو توفير هذه العلاجات للمرضى الذين يحتاجون إليها، حيث أنها غالبًا ما تكون متاحة فقط من خلال تجارب سريرية، مما يخلق فجوة في الإتاحة مقارنة ببعض البلدان الأوروبية. لذا، ينصح المرضى بالتشاور مع أطبائهم حول المشاركة في التجارب السريرية كخيار لتعزيز فرص العلاج.