اكتشاف ثوري: كيف تتحكم البكتيريا في خلايا مضيفها بشكل غير مسبوق؟ تحليل DNA يكشف أسرار الأمراض الخطيرة!

دراسة جديدة في معهد وايزمان حول العلاقات بين البكتيريا والخلايا المضيفة
نظرة على عالم البكتيريا
مثل البشر، تمتلك البكتيريا أيضًا تفضيلات خاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات. فبعضها يعيش حياة مستقلة، بينما يشعر الآخرون بنزعة اجتماعية. على سبيل المثال، تعتبر سالمونيلا وأنواع أخرى من البكتيريا من الكائنات الاجتماعية، إذ يمكنك أن تجدها تعيش وتزدهر داخل الخلايا المضيفة. ولكن على عكس البشر، لا تأخذ هذه البكتيريا وقتًا في محاولة اكتساب ودّ الخلايا. بل على العكس، تقوم حقن البروتينات للسيطرة على التفاعلات الداخلية للخلايا المضيفة.
تقدم في دراسة البكتيريا
شهدت السنوات الأخيرة، بفضل الأبحاث في معهد وايزمان للعلوم بقيادة الباحث روي أفرهام، تقدماً ملحوظًا في فهم الاختلافات بين البروتينات التي تحقنها أنواع مختلفة من البكتيريا في خلاياها المضيفة. هذا الأمر قد يساعد في تفسير سبب كون بعض الأنواع منها أكثر خطورة من غيرها.
على سبيل المثال، يوجد أكثر من 2,500 نوع من السالمونيلا، لكن فقط عدد قليل جدًا منها قادر على التسبب بأمراض مميتة. ووفقًا لدراسة نشرت في عام 2024 في مجلة محاضر الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS)، استعرض فريق أفرهام طريقة بحث جديدة تُسلط الضوء على علاقة البكتيريا بالخلايا المضيفة، وتعرض ما يجعل بعض الأنواع أكثر عدوانية.
تقنيات جديدة في الأبحاث
في العقد الأخير، استطاع العلماء استخدام تقنيات متقدمة لدراسة العمليات الجزيئية بشكل لم يسبق له مثيل، مما أحدث ثورة في مجالات علوم الحياة. هذه التطورات، بما في ذلك تسلسل المادة الوراثية على مستوى الخلايا الفردية، منحتهم القدرة على تحليل العلاقات بين العديد من الأنواع من البكتيريا والمضيفين المحتملين. ومع ذلك، لا يمكن للأدوات الحالية تطبيق إجراء تسلسل RNA على جميع العلاقات للتعامل مع التفاعلات المفصلة بين الأنواع.
فهم الفروق في الضراوة
لتحديد الفروق في الضراوة وقدرتها على إحداث الأمراض بين الأنواع المختلفة من السالمونيلا، يحتاج الباحثون إلى تسلسل DNA لخلايا البكتيريا الفردية. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر أيضًا تسلسل DNA للخلايا المضيفة التي تم إصابتها، وهو أمر يمثل تحديًا كبيرًا.
تطور الباحثون في مختبر أفرهام تقنية جديدة مبتكرة تمكّنهم من تنفيذ ذلك من خلال عنصرين رئيسيين. الأول هو أداة تم تطويرها بدعم من الباحث أوري هايمان، والتي تعتمد على وضع رموز شريطية على مجموعة من الأنواع البكتيرية، مما يسمح لعلماء الدراسة بالتمييز بين الأنواع حتى داخل الخلايا المضيفة.
دمج البيانات باستخدام الذكاء الاصطناعي
العنصر الثاني هو نموذج حاسوبي يُدعى MAESTRO، تم تطويره بقيادة الباحثة نوا بوسيل بن موشي. هذا النموذج يجمع النتائج المستخلصة من تسلسل كل رمز شريطي مع تسلسل الخلايا المضيفة، مما يمكّن العلماء من تحليل كيفية تأثير كل نوع من البكتيريا على سلوك الخلايا المضيفة وما هي البروتينات التي تظهر بشكل واضح فقط في الخلايا المصابة.
في دراستهم، استخدم الباحثون هذه الطريقة على 25 نوعًا من السالمونيلا التي تصيب الخلايا المناعية المعروفة بـ البلاعم. وقد مكنتهم هذه الطريقة من فهم العلاقة بين كل نوع من البكتيريا والخلايا المضيفة، وأظهرت أنهم استطاعوا تحديد نوع واحد يُفعل استجابة مناعية قوية بشكل استثنائي.
الكشف عن وظائف جديدة للبروتينات
الأبحاث أظهرت أن هذا النوع يفتقر إلى بروتين معين تدخله الأنواع الأخرى، مما يؤدي إلى قدرة هذا النوع من البكتيريا على إعادة تفعيل النظام المناعي للمضيف. وقال أفرهام: “لقد اكتشفنا وظيفة جديدة لبروتين معروف، وهذا يظهر كيفية تعطيل آليات الدفاع في مضيفينا.”
تطبيقات أوسع في مجال البحوث
من خلال هذه الطريقة، يمكن أيضًا متابعة البروتينات الأخرى والأدوار المختلفة التي تلعبها في الإصابات المستقبلية. وفي ظل التحذيرات من مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية من قبل منظمة الصحة العالمية، فإن هذه الأبحاث يمكن أن تسهم في تطوير استراتيجيات جديدة لمكافحة الأمراض.
تطوير استراتيجيات دفاعية جديدة
وأوضح أفرهام أن هناك استراتيجيتين للدفاع ما زالت قيد التطوير: الأولى تتمثل في تقليل قدرة البكتيريا على التسبب بالأمراض، والثانية تتعلق تعزيز الاستجابة المناعية لخلايا المضيف. تتيح الأساليب الجديدة فهم كيفية هجوم البكتيريا وكيفية تصدي الخلايا المضيفة للغزو.
في ختام هذه الدراسة، يُعتبر التعاون بين الباحثين أساسيًا، حيث شمل الفريق العديد من الأعضاء، مما يساهم في إحداث تقدم مستمر في فهم البكتيريا وأثرها على الكائنات الحية.