اللاسلكى والشيفرات: كيف أدارت القوات المصرية اتصالاتها فى حرب أكتوبر 1973؟

تحل اليوم الأحد السادس من أكتوبر عام 2024، الذكرى 51 لنصر أكتوبر العظيم، الذى استعادت فيه قواتنا المسلحة أرض سيناء الغالية، وقدم جنودنا البواسل كل غالٍ ونفيس وضحوا بدمائهم الذكية لتحرير الأرض واستعادة العزة والكرامة.
وقد شهدت تقنيات الاتصالات العسكرية تطورًا هائلًا منذ حرب أكتوبر 1973 وحتى يومنا هذا، حيث لعبت الاتصالات العسكرية دورًا حاسمًا في تحديد نتائج المعارك وتنسيق الجيوش، ففي حرب أكتوبر اعتمد الجيش المصري على تقنيات الاتصالات اللاسلكية لتنسيق الهجمات ونقل الأوامر بين القادة والجنود على الأرض، ومع مرور الوقت تطورت هذه التقنيات بشكل جذري حتى وصلنا إلى استخدام تقنيات الجيل الخامس (5G) اليوم، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحروب الحديثة وتكنولوجيا الدفاع المتقدمة.
خلال حرب أكتوبر المجيدة، اعتمد الجيش المصري على أنظمة الاتصالات اللاسلكية التقليدية، مثل أجهزة الراديو قصيرة المدى التي استخدمها القادة للتواصل مع الجنود على الخطوط الأمامية، هذه الأجهزة كانت تعتمد على موجات الراديو التي قد تتعرض للتشويش أو الاعتراض من قبل العدو، مما جعل التواصل الفعّال تحديًا كبيرًا في بعض الأحيان، ورغم هذه التحديات، كانت هذه الأجهزة أساسية لتنسيق الهجمات المفاجئة وتوجيه العمليات اللوجستية.
من بين الابتكارات التي ظهرت في تلك الفترة كانت محطات الاتصال الميدانية المحمولة، التي مكنت من إنشاء شبكات اتصال لاسلكية مؤقتة في أماكن المعارك، وقد تم الاعتماد بشكل كبير على تقنيات الاتصالات اللاسلكية لتنسيق تحركات القوات المصرية أثناء الهجوم على خط بارليف، وعلى الرغم من أن التكنولوجيا المتاحة في ذلك الوقت لم تكن متقدمة كما هي اليوم، إلا أن الاعتماد على أجهزة اللاسلكي والموجات الراديوية كان أمرًا حاسمًا لضمان نجاح العمليات العسكرية.
اعتمد الجيش المصري بشكل رئيسي على أجهزة اللاسلكي (التي كانت متطورة نسبيًا في تلك الفترة) لتنسيق التحركات بين القوات المختلفة، سواءً بين المشاة والدبابات أو بين الجنود والقادة في مراكز القيادة، هذه الأجهزة كانت تعمل بترددات محددة، لكنها كانت عرضة للتشويش أو التقاطها من قبل القوات الإسرائيلية، مما شكل تحديًا كبيرًا فيما يخص الحفاظ على سرية الاتصالات.
القادة الميدانيون كانوا يعتمدون على أجهزة الراديو اللاسلكية المحمولة للتواصل الفوري مع القوات على الأرض، وكانت تتم الاتصالات بشكل مستمر لنقل أوامر الهجوم والتوجيهات الخاصة بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف.
للتغلب على مخاطر اعتراض الإشارات اللاسلكية من قبل العدو، استخدمت القوات المصرية والسورية تقنيات بسيطة ولكن فعالة في تشفير الرسائل، عبر استخدام شيفرات خاصة للاتصالات العسكرية لضمان سرية العمليات، وبهذا يمكن للقادة إصدار الأوامر دون خوف من أن يتم اعتراضها وفكها من قبل العدو.
القوات المصرية قامت بالتنسيق مع الجبهة السورية عبر خطوط اتصال خاصة لنقل الأوامر وتنسيق العمليات الهجومية بشكل متزامن، ومن المعروف أن أحد أهم عناصر نجاح الهجوم المصري في بداية الحرب كان عنصر المفاجأة، وهو الذي تحقق من خلال الحفاظ على سرية الأوامر وعدم تسرب معلومات حول موعد بدء الهجوم.